كما كان مقررا ومتوقعا ومخططا له، خسر المغرب رهان تنظيم مونديال 2026 لصالح ملف الثلاثي (أمريكا والمكسيك وكندا) وعرفنا الأجوبة على كل التساؤلات التي طرحناها خلال الاسابيع الماضية بخصوص القبول التقني لملف ترشيح المغرب من طرف اللجنة الخاصة التي شكلتها الفيفا.
لم تحدث المفاجأة التي كنا نأملها ولم نكن نتوقعها بالنظر لكل المعطيات السياسية والاقتصادية والتقنية التي كنا نعرفها وتأكدنا منها بعد قرار مجلس الفيفا الذي كان في صالح الملف المشترك لبلدان أمريكا الشمالية بـ134 مقابل 65 صوتا.
مجلس الفيفا منح أصواته لملف أمريكا الشمالية، والولايات المتحدة هي التي قررت بكل الوسائل الممكنة، في وقت تراجع عن دعم المغرب الكثير من العرب والأفارقة خوفا من عقوبات ترامب الذي هدد وتوعد بقطع المساعدات على كل من لا يصوت لملف بلاده في سابقة تاريخية يقوم فيها رئيس دولة بالتدخل بشكل علني مفضوح في قلب الموازين كما كان منتظرا. قد يقول البعض أن نجاح ملف الثلاثي الذي تقوده أمريكا هو منطقي لأنه يتوفر على كل الشروط المطلوبة لتنظيم مونديال بـ48 منتخبا بقيادة قوة عظمى أعطت ضمانات سياسية واقتصادية ومالية وفنية وتقنية، ووعدت بعائدات تفوق 16 مليار دولار سيكون نصيب الفيفا منها أحد عشر مليارا على حساب بلد كان سيتوجه الى الاستدانة لتوفير عشرين مليار دولار لاستكمال بناء الملاعب والمرافق، وبلد لم يكن لديه وسائل تهديد ووعيد ولا وسائل اغراء لكل أعضاء مجلس الفيفا، وهو أمر يبدو أنه جنب هيئة إنفانتينو متاعب كان سيتعرض لها لو صوت للملف المغربي!
قد يقول البعض الآخر أن فشل المغرب للمرة الخامسة في الحصول على شرف تنظيم المونديال هو أيضا فشل منطقي ومنتظر رغم توفره على الحد الأدنى من الشروط التقنية المطلوبة، مثلما أكدته لجنة التقييم الأسبوع الماضي والتي تبين أن قبول ملف المغرب ما هو إلا مجرد تمويه من الفيفا الذي كان متأكداً من فوز الثلاثي، وتبين بأن عهد الشفافية لم يحن وقته بعد، سواء كان التصويت لأعضاء المكتب التنفيذي كما عهدناه قبل اليوم، أو لأعضاء مجلس الفيفا مثلما صار عليه الحال بدون أن تتغير النتيجة في المحصلة!
التصويت السري الإلكتروني لم يشفع للمغرب لأن الفيفا وأمريكا كانتا ستعرفان من صوت لمن، وكان سيفضح أمر المقتنعين والمترددين والمتخوفين من أعضاء مجلس الفيفا الذين خضعوا بالتأكيد لتوجيهات حكوماتهم التي هددها وتوعدها سفراء ترامب في الكثير من الدول الافريقية والعربية التي غلبت مصالحها على مشاعرها وانتماءاتها. بين هؤلاء وأولئك لا أحد يتغاضى بالمقابل عن فشل مغربي في الإقناع وفشل مغربي في حشد التأييد الإفريقي والعربي الذي كان يمكن أن يمنحها 107 أصوات اذا اضفنا إليها الاتحادات الأوروبية التي أعلنت منذ زمن دعمها للملف المغربي، ولا أحد كان سيتحمل تبعات خسارة ترامب للرهان ومدى تأثيرها على الفيفا أولا، ثم على البلدان الافريقية المغلوبة على أمرها، رغم سخاء المغرب واستثماراته الدبلوماسية والتجارية في العديد من الدول الافريقية منذ مدة، وفي الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم التي صار رئيسها يأتمر بأوامر السيد فوزي لقجح رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم.
السؤال المطروح اليوم بعد هذا الإخفاق، هل سيعاود المغرب الكرة ويترشح لاحتضان مونديال 2030 بعدما حطم الرقم القياسي في الترشح، أم أنه ضيع آخر فرصة له خاصة بعد إعلان ترشح الثلاثي الأرجنتين وباراغواي وأوروغواي وهو الموعد الذي سيصادف الذكرى المئوية لأول مونديال احتضنه أوروغواي سنة 1930؟ هل بقي للمغاربة نفس يسمح لهم بمواجهة ملف ثلاثي أمريكا الجنوبية هذه المرة، وربما ملف الصين عن قارة أسيا وإنكلترا عن أوروبا وحتى أستراليا التي قد تترشح بدورها وتخلط كل الأوراق باعتبارها القارة الوحيدة التي لم تنظم المونديال؟ في انتظار معرفة ذلك وبعدما تعرفنا على منظم مونديال 2026، بقي لنا أن نعرف المتوج بكأس العالم 2018 بعد شهر من الآن إثر مونديال ينظم لأول مرة في أوروبا الشرقية قبل أول مونديال في الشرق الأوسط بعد أربع سنوات من الآن. الكل يتساءل عن خليفة ألمانيا وعما سيفعله ميسي ورونالدو ونيمار، وما ستفعله المنتخبات العربية التي ستشارك لأول مرة بأربعة منتخبات، ثلاثة منها تمثل أيضا القارة السمراء برفقة نيجيريا والسنغال. هل سيستمر التداول على التتويج بين أوروبا وأمريكا الجنوبية أم أن موعد المفاجأة الكبرى قد حان وسيكون مونديال إنكلترا وبلجيكا والبرتغال؟

حفيظ دراجي / إعلامي جزائري